"ترافل يالا نيوز" يكشف الأسباب الحقيقية وراء فشل البنوك في توفير الريال للحجاج

 

الحجاج المصريين: البنوك خلقت السوق السوداء للريال و"أخدنا الجنيه معانا نغيره من السعودية"

 

البنوك: تعليمات "المركزي" بقيود توفيره للعملاء كانت شفهية.. والتأشيرة غير كافية


كتب- أكرم مدحت 

 

لم يكن ارتفاع أسعار برامج الحج العقبة الوحيدة التي واجهت الحجاج المصريين هذا الموسم، نتيجة أزمة توافر الريال السعودي وتضخم سعره في السوق السوداء، ولكن المأساة الحقيقية التي فوجئوا بها هي الإجراءات البنكية التعجيزية لتوفير العملة سواء لعملائهم أو الراغبين في أداء الفريضة، لتصبح التأشيرة غير كافية للحصول على الريال، وخاصة في الوقت الحرج قبل السفر بأيام قليلة، رغم أن المعلن من القطاع المصرفي في أزمة توافر العملات الأجنبية ينحصر في الدولار، ما جعل الحجاج يتسائلون عن أسباب تعنت البنوك في توفير الريال وتركهم فريسة للسوق السوداء؟!.

 

"ترافل يالا نيوز" كشف عن الأسباب الحقيقية لعدم توافر الريال السعودي للحجاج المصريين، ورصد شكواهم التي طالبوا بتوصيلها إلى أعلى المستويات في الدولة، من داخل صالة السفر بمبنى الرحلات الموسمية بمطار القاهرة الدولية، كما لم يغفل رد بل اعترافات القطاع المصرفي لتوضيح الصورة كاملة.

 

شكوى الحجاج

تامر عبدالفتاح السبكي أحد حجاج القرعة من محافظة المنوفية، قال إن سعر حج القرعة التابعة لوزارة الداخلية يبلغ 34 ألف جنيه، لمدة 29 يوما، ولا يعرف مكان الإقامة أو مدى توافر الخدمات مثل الوجبات، وهو ما يجعلهم حريصين على شراء الريال بما يسمح لهم بالإنفاق، ولكنهم واجهوا مشكلة توافره.

 

وأضاف أن ما سمعوا عنه من قبل بشأن حق عميل البنك فقط الحصول على مبلغ من الريالات على تأشيرة الحج، إلا أنها لم تصبح كافية، حيث أن لديه حساب منذ 3 سنوات في بنك التعمير والإسكان، ورغم ذلك رفض منحه المبلغ المطلوب بحجة عدم توافره، والبنوك الأخرى رفضت لعدم وجود حساب له بها، وبالتالي إضطر التصرف من السوق السوداء بسعر 3.40 جنيها، مشيرا إلى رفض تعامل شركات الصرافة مع أي عميل غير معروف لديها لتخوفها من العقوبات نتيجة التلاعب في الأسعار.

 

وأوضح تامر عبدالفتاح أنه على الأقل كان يجب توفير البنك 1000 ريال على كل تأشيرة وتذكرة السفر البنك، مؤكدا أن هذه الأزمة أثرت سلبا على المبلغ المتاح حاليا من، قائلا: "لم أغير سوى 500 ريال فقط بما يكفي لصك الأضحية وخط تليفون، ولا أعتقد وجود وجبات خالص في السكن، وأنا معايا فلوس مصري لتغييرها هناك من مكاتب الصرافة على قدر الحاجة، ومعانا بعد الأغذية الخفيفة من مصر لتقليل النفقات، وبالتالي لن نستطيع التسوق نهائيا".

 

الحجاج غاضبون: "البنوك فاجئتنا وإحنا مش بنغير دولار"

في سياق متصل، شاركه الشكوى كل من حمدي علي حماد، وفتحي أبو السعود أحمد الشعشاعي، قائلين "إن البنوك خلقت رسميا السوق السوداء للريال"، واستنكروا التعليمات المفاجئة التعجيزية للبنوك بعدم توفير الريال إلا للعملاء أصحاب الحاسابات بها ومدتها لا تقل عن 6 شهور، و"إحنا كنا نعرف منين علشان نفتح حساب لينا قبل السفر بهذه الفترة الطويلة، إحنا يدوبك جمعنا حق الحج بالعافية وبندفع كل قوتنا لسداد المبلغ المطلوب وهو 34 ألف جنيه".

 

وأكدوا أن البنوك الحكومية أعلنت منذ بداية الموسم أنه بمجرد حصول الحاج على التأشيرة وتذكرة السفر يأتي لفروعها للحصول على 2000 ريال لكل متعامل ولم يحددوا كونه عميل للبنك أو ليس من الخارج، وعندما ذهبوا في الوقت الحرج قبل السفر بأيام للتغيير أخبرهم موظفوا البنك بأن هناك تعليمات ولا نستطيع مخالفتها.

 

وانتقدوا قرارات البنك المركزي بغلق شركات الصرافة، ولفتوا أنها لا تتعامل أصلا مع عملاء لا تعرفهم، ما جعلهم يشترون الريال من السوق السوداء بأسعار 3.25 و 3.30 جنيها، وقال أحدهم: "لو لقيته بـ 3.50 جنيه سأضطر لشراءه، ليس أمامي غير ذلك"، مما أثر على كمية الريالات المتوفرة معهم لتكاليف الإنفاق خلال فترة الرحلة.

 

وأضافوا أنهم لم يستطيعوا الحصول على المبالغ الكافية لفترة الحج الطويلة وتصل إلى 29 يوما، ولا يعرفون كم سيحتاجون من المال، وأشاروا إلى أخذ مبالغ مصرية لتغييرها من شركات الصرافة السعودية التي وصل سعر الريال بها إلى 3.5 جنيها، ومتوسط ما استطاع تغييره أغلبهم على أقصى تقدير 1000 ريال فقط، و"تقريبا لا نعرف أحد اشترى من أي بنك" على حد قولهم.

 

وأوضحوا أن حجاج القرعة يجب أن توفر لهم الحكومة الريال بشكل استثنائي، وطالبوا توصيل صوتهم لمحافظ البنك المركزي، قائلين "إحنا مش بنغير دولار ولازم توفر الريال في البنوك".

 

ورغم أن أحدهم لديه بالفعل حساب في أحد البنوك الحكومية ولكنه لم يستطع أيضا الحصول على الريال لأن تاريخ فتح الحساب لم يمر عليه سوى شهر فقط، وأكد مدير الفرع لهذا البنك أن لديه ريالات بالفعل ولكن لا يستطيع صرفها له وفقا للتعليمات الجديدة.

 

اعترافات البنوك

وعلى الجانب الآخر، أوضحت مصادر بنكية في تصريحات خاصة لـ "ترافل يالا نيوز" عن أسباب اشتعال أزمة الريال السعودي في مصر وتوافره للحجاج، والتي تعود إلى النقص الحاد في الدولار الأمريكي الذي يحصل بمقتضاه البنك المركزي المصري على الريال عن طريق شراءه من مؤسسة النقد العربي السعودي، ويقصر البنك المركزي إتاحة هذه الريالات لبنكي الأهلي ومصر، ونتيجة لشراء مصر حصة قليلة من الريال فإن توفيره في البنوك بات أمرا شبه مستحيل.

 

وكشفت المصادر التي رفضت ذكر أسمائها، عن ورود تعليمات شفهية من البنك المركزي لجميع البنوك، قبل مرحلة سفر الحجاج مباشرة، بعدم توفير الريال لأي من الحجاج رغم حصولهم على التأشيرة الخاصة بأداء الفريضة إلا إذا كانوا عملاء للبنوك، حيث أكد موظفوا خدمة العملاء في البنوك الحكومية أن توفير الريال لن يكون إلا للعملاء الذي مضى على فتح حسابات لهم مدة 6 شهور، وهو أمر وصفه العملاء بالتعجيزي.

 

ولم يجد العملاء من الحجاج المصريين مفرا من اللجوء للسوق السوداء في سبيل توفير الريال اللازم للإنفاق خلال موسم الحج.

 

والجدير بالذكر أن بنكي الأهلي ومصر أعلنوا من قبل عن توفير مبلغ 2000 ريال لعملائهم من الحجاج، ولكنهم فوجئوا بخفض قيمة المبلغ المعلن عنه إلى 1000 ريال فقط كحد أقصى، وهو ما يخالف الإعلان الأصلي للبنوك وتوفيره بالسعر الرسمي.

 

وكانت شركات الصرافة وتجار العملة في السوق السوداء هي المستفيد الأكبر من هذه الأزمة في رفع سعر الريال إلى نحو 3.40 جنيها، بفارق 35% عن السعر الرسمي بالبنوك والبالغ 2.37 جنيها.

 

مقترحات

وكان من الممكن إيجاد بدائل لهذه القرارات التعجيزية المفاجئة في ظل الظروف الطارئة، مثل تخفيض المبلغ المتاح على تأشيرة الحج لعملاء البنوك أو بشكل عام للحاصلين عليها من الحجاج، بما لا يجعلهم ضحية للسوق السوداء أو لارتفاع سعر شركات الصرافة السعودية، ويوفر لهم الحد الأدنى للإنفاق على تكاليف الإقامة وتأدية بعض المناسك المدفوعة هناك مثل ذبح "الهدي"، ويحرمهم من التسوق والهدايا التذكارية التي كانت نمط حياة لكل زائر للأراضي المقدسة.